جائني شاب أربعيني يطلب اقراضه فقد مضى عليه قرابة تسعة أعوام عاطلاً عن العمل بعد أن أُنهيت خدماته بأحد القطاعاتوتعذر إخلاء طرفه إلا إذا سدد ما عليه من رواتب صرفت نتيجة خطأ إداري ؛ وهو عاجز عن السداد حتى أنه طيلة تلك المدة لم يجدمن يقبل بتشغيله حتى وصل الأمر به أنه لم يتمكن من العمل كسائق لسيارة أجره لأنه لم يستطع الحصول على رخصة قيادةعمومي التي من شروطها أن تكون مهنته حرة.
ولأن الفقر مذله ودافع للانحراف قد يدفع المجتمع وأسرته ثمناً غالياً إلا إذا كان هناك نظرة وتقدير للأمور وجرت الموازنة بينالتشدد وسلبياته والتيسير وايجابياته في غير ما إهمال بحيث تتم المعالجة بما يضمن حقوق الدولة وإعانة المواطن وذاك أمرممكن وهو ما سأشير إليه لاحقاً في بعض ما أطرح من أفكار ليتم دراستها والأخذ بالأنسب والممكن.
ومن المستغرب أن لا يتنبه بعض المسؤولين للأمر فيعالجون ما يواجههم بما لديهم من صلاحيات أو أن يتم الرفع بعرض المشكلةواقتراح الحلول خصوصاً أن ولاة الأمر أيدهم الله أبوابهم مفتوحة ويتفاعلون مع كل مقترح يصب في الصالح العام وهو مالمسته إبان عملي ؛ والدولة تخصص للأمن نسبة من مواردها وحوافز وخدمات من أجل إسعاد المواطن وكفايته ؛ كما تتحسسرغباته واحتياجاته بما يساعد على الاستقرار ؛ وأذكر أنني سبق وتناولت في هذه الصحيفة موضوعين في مقالين رابطهماأدناه وضربت بذلك مثلاً لبعض العوائق التي حالت دون قدرة بعض الشباب على العمل والحصول على وظيفة تضمن لهمالاستقرار الأسري والأمن للمجتمع ولأن بعضاً من هذه العوائق لازالت قائمة وضررها أكثر من نفعها ؛ ولا بأس من إعادة الإشارةإليها والتي تتمثل في الآتي.
أ – لا تفضل أكثر المؤسسات الصغيرة وبعض المتوسطة توظيف أي شاب سعودي لديه عائلة لأنها ملزمة بالتأمين عليه وعلىعائلته ؛ وغالباً يرى أصحابها أن التأمين يضيف عليهم أعباءً فوق طاقتهم في ظل ما يواجهونه من كساد ؛ ووزارة الصحة تقدمخدماتها فلم تحميلهم هذا العبء ويكفي أنهم يدفعون راتب عالي مع الـتأمين عليه.
( مقال. عندما يكون التأمين سبباً في البطالة )
ب – كثير من الشباب يتوقف إصدار رخص القيادة لهم أو تجديدها على خلو سجله من المخالفات مما يحرمه من العمل ؛ فكثيرمن المؤسسات تشترط على من يعمل لديها أن يكون لديه رخصة سارية أو مجددة ؛ وفي بعض الأحيان يتعذر ذلك لأنه عاطلوعليه مخالفات متراكمة ورخصة القيادة هي الشهادة للكثيرين.
وحقيقة فإن الدولة أيدها الله تخصص إعانات ومساعدات ولأنها غير ملزمة بالتوظيف فعلى الأقل أن تكون هناك مراجعة لبعضالأنظمة وتطويرها بما يوفر فرص عمل للشباب ويجفف منابع الفقر والبطالة التي تُسهم في ارتفاع نسب الجريمة والانحراف.
ولعلي أضع رأياً وتصوراً لبعض ما أراه من وجهة نظري حلولاً لما أشرت إليه والتي تتمثل في الآتي.
أولاً– من يتم الاستغناء عن خدماته بالقطاع الحكومي كالفصل أو لعدم الحاجة وعليه مطالبات مالية يمكن ربطه بالكفالةوتقسيط المبالغ المطلوبة وإخلاء طرفه حتى يتمكن من العمل ؛ واعرف شاباً ابتعث للخارج وكان متفوقاً وعمل بإحدى الشركاتهناك بعد أن غير تخصصه ولم يتمكن من العودة خشية تغريمه وتكليفه بإعادة الأموال التي صرفت عليه وكثير مثله ممن أصبحأمرهم معلقاً بسداد ما عليهم.
ورأيي أنه يمكن التعديل في التعليمات لتشجيعهم على العودة وإتاحة الفرصة لهم بالعمل بالقطاع الخاص أو الحكوميوخصوصاً التخصصات النادرة مع تقسيط المبالغ المترتبة عليهم ضماناً لحقوق الدولة.
ثانياً – إنشاء هيئة بإدارات المرور للنظر في الطلبات التي تقدم لها من البعض ممن عليه مخالفات تحول دون العمل وترفع مننسبة البطالة ؛ وقد يكون تعليقها مؤقتاً حتى إصدار أو تجديد رخصة القيادة مما يسهل توظيفهم على أن يكون البت فيهاسريعاً. فالإصلاح أولاً .
ثالثاً – إنشاء حساب كما هو معمول به لسجناء الحق الخاص توجه له بعض التبرعات كإعانات مستردة ممن يتم اعانته بعدعمله بالتقسيط ويمكن اسناد ذلك للجمعيات الخيرية. والله من وراء القصد.
* مدير شرطة العاصمة المقدسة / سابقاً
مقالات ذات صلة