سألني زميل عن رأيي في جعل المرور عشرون ألف ريال حداً أقصى لسداد المخالفات لتعطيل خدمات من يتأخر في السداد ؛ وكان رأيي أنه أمر جيد ومطلوب لكنه متأخر ورغم صواب القرار إلا أن المبلغ مرتفع وسلبياته لا حصر لها وسيغري الكثيرون للتهاون ومزيد من المخالفات وبالتالي العجز عن السداد مما يعني مشاكل لا حصر لها.
وللإيضاح لابد من تحرير المسألة وطرح بعض الأسئلة والتذكير ببعض الحلول التي طرحت سابقاً والتي تضمن تنفيذه بما يحقق الأهداف المرجوة خصوصاً أن المخالفين فئات منهم.
أولاً : من مضى على مخالفاته سنوات بعضهم اقتربت مخالفاتهم من المليون ريال وهم عاجزون عن السداد أصلاً. والسؤال كيف سيتم التعامل معهم؟ وما هي الآلية للتحصيل؟ ومن ذا يضمن التسديد؟ ولماذا تأخر المرور في وضع الضوابط لضمان التسديد مما أغرى الكثيرون بالتخلف عن السداد؟ وهل كان عدم التسديد استهتار منهم؟ أم بسبب عوائق؟
ثانياً : المخالفون حديثاً ، مخالفات بعضهم لم تتجاوز الألف أو أعلى قليلاً ومن تأخر في السداد هل يستطيع سداده كاملاً متى علقت خدماته ؛ إذا كان دخله متدنٍ كالعمالة وغير الموظفين؟ وكيف يستطيع المخالف السداد وإعالة أسرته إذا عطلت خدماته وهل يستطيع العمل
ولعلى أشير إلى أن مما ساعد على التخلف سابقاً الآتي :
أ – أنه لم يكن هناك حداً أعلى للمخالفات ولا متابعة لاستيفاء الغرامات
ب – المرور لم يكن يقبل بجدولة المخالفات عندما تزايدت حتى أنه كان لا يقبل تسديد الجديد ، فتراكمت المخالفات
ج – أسهم مضاعفة الغرامة لمن تأخر حينها في السداد عن شهر تراكم المخالفات والعجز عن السداد وإن تم التصحيح فيما بعد ولكن بعد فوات الأوان.
هـ – كان من الخطأ عدم السماح بامتلاك سيارة وبيعها أو تجديد رخصة السير وتسجيل السيارة باسم السائق الفعلي إلا من كان سجله خالياً من المخالفات أو تحت الكفالة مما فاقم المشكلة وأدى للتحايل والشراء باسم الأم أو الزوجة أو الأصدقاء مما أغرى بالمخالفة اعتقاداً بأنه لن يكون هناك متابعة فالناس محتاجة لوسيلة نقل في ظل انعدام النقل العام
ولأن للمسألة بعد اجتماعي وأمني واقتصادي أرى أنه لابد من التمييز بين المخالفين وفقاً لما تمت الإشارة إليه فتعليق خدمات القدامى وهم كثر لن يؤدي بالغالبية منهم للمسارعة بالسداد فالرسوم المطلوبة عالية لا قبل لهم بها في الغالب. وحسب رأيي سيؤدي التعطيل إلى شل حركتهم والإضرار بمن يعولون وكثير منهم عاطلون منهم كهول وشباب ونساء خصوصاً أن فئةً منهم لا علاقة لهم بتلك المخالفات كل ذنبهم أنهم كانوا ضحايا لأقارب وقيوداً مفروضة لم تتح لهم أي خيار ولذلك من الصعب سجنهم أو الاستمرار في تعليق الخدمات بسبب عجزهم ومن المناسب اللجوء إلى خيارات أخرى لتبييض سجلاتهم من المخالفات سبق وأشرت إليها في مقالات لي بهذه الصحيفة رابطها أدناه.
http://www.makkah-now.com/author/allywa/
ولا بأس من إعادة التذكير بها باختصار
1 – إعادة النظر في الغرامات المطلوبة من بعض الآباء الذين لا يحملون رخصة القيادة و كذلك النساء بإعفائهم
2- تطبيق العقوبة واستيفاء غرامة واحدة لأي مخالفة متكررة عدة مرات حتى يتم تبييض سجل المخالف وخصوصاً القدامى
3 – تطبيق العقوبات البديلة على المخالف كالخدمات الاجتماعية من نظافة للمساجد والشوارع والخدمة بالهلال الأحمر ...الخ
4 – إعادة تأهيل المخالف مرورياً بإلحاقه بدورات تثقيفية في قواعد وآداب المرور فالإصلاح أولاً
5 – التشجيع على سداد المخالفات بالإعفاء من جزء منها لمن يسارع بالسداد واعتماد الإنذار للمخالفة الأولى
6 – التشجيع على الانضباط والقيادة الجيدة باحتساب نقاط لمن لا مخالفات عليه يستفيد منها في سجله عند ارتكابه لأي مخالفة
7 – أن يعاد النظر في نقل الملكية إلى المشتري ولو كان عليه مخالفات حتى لا يحتال فامتلاك سيارة ضرورة لعدم وجود نقل عام
8 – تسهيل تسجيل السيارة إلى السائق الفعلي دون عوائق لتحديد المسؤولية
وأخيراً فإن السؤال الذي يفرض نفسه هل سيتم الانتظار حتى تصل مخالفات السائق لعشرون ألف ريال ولماذا وهو إن تم تطبيقه سيكون مرتفعاً ؛ وسيكون له آثار اجتماعية واقتصادية وأمنية سلبية.
ولذلك من المهم إعادة النظر فيما تم تحديده وجعله مثلاً خمسة آلاف ريال كحد أقصى فذلك أدنى للانضباط والقدرة على السداد والحرص على عدم المخالفة ؛ اترك ذلك لجهة الاختصاص بالمرور لإخضاعها للدراسة والأخذ بما هو ممكن وصائب وإن كنت أتمنى أن أرى صدى لما اكتب سلباً او إيجاباً أنا وغيري عن المرور حتى لا تكون صرخة في واد.
والله من وراء القصد.
لــواء.م / محمد بن سعيد الحــــارثي
مدير شرطة العاصمة المقدسة / سابقاً