العفو بين الأبناء
بندر الزهراني
عند محادثة الابناء وتوجيه النصح لهم، فإننا لانملك إلا أن نحدثهم بالمُثل العليا، التي نرتضيها لهم خلقاً بغض النظر عن ردة الفعل والإستجابة، فما علينا إلا أن نلقي حجراً في المياه الراكدة، لنحركها ونحرك معها العقل الباطن، الذي يمكن جعله وعاء لهذه المُثل، بتوجيه رسائل واضحة ومركزة، تجاه مشكلة حديثة في الزمن الحاضر، وعبر إحساس قوي ومؤثر بمضمونها، مع العمل على التكرار للتأكيد على ذلك، والمثالية عند التحدث مع الابناء مهمة جداً، لنرسم لهم الطريق الصحيح في أذهانهم، وليس من الصحيح قول أن الحديث المليء بالمثاليات غير مفيد، وأنه لايعكس الواقع أو يلامسه، ويمكن الرد على ذلك بأن الابناء، مازالوا في طور التشكل والبناء ويتلقفون كل جديد.
من المهم أن نزرع تلك القيم في عقولهم اللاواعية، لتنمو معهم وتؤثر فيهم ويسعدوا بها، لما لها من الأثر الطيب في بسط السكينة على جوارحهم، بعد أن تطمئن قلوبهم بذلك، ولنبدأ مع مايمكن أن يكون له تأثير مهم، داخل منازلنا ومدارسنا بالدرجة الاولى، وأعني بذلك قيمة العفو التي نفتقدها بشكل كبير، فلايكاد الابن يجد تجاوز من أحد زملائه، حتى يستشيط غضباً ويسارع في الرد بطريقة قد تفاقم الوضع، ليصل إلى عراك قد يدمي أحدهم الاخر، وهنا نجد أهمية هذه القيمة التي لو وجدت لدى أحد طرفي النزاع، لتوقفت المشكلة قبل أن تبلغ مبلغاً صعباً.
هناك مواضع يجب أن يكون العفو، هو سيد الموقف بين الابناء وحثهم على ذلك، خاصة تلك المواقف التي تكون فيها الاساءة عفوية، و لاترقى إلى التنمر، وهي لاتعد ولاتحصى بين الابناء، بل يمكن القول عنها بأنها كالسيل الجارف، ويعلم ذلك جيداً من يمارس التربية والتعليم بشكل خاص، وسنجد رقماً ملفتاً عند عمل إحصائية لذلك، على مدى ساعة واحدة بين الابناء في المنزل، أو حصة دراسية بين التلاميذ.
لنعزز قيمة العفو لدى أبنائنا، نحتاج أن نكون لهم خير قدوة، فنبدأ بأنفسنا في تعاملنا معهم، والابناء يتعلمون مايعايشونه، وذلك عند إرتكابهم أخطاء عفوية، تأثيرها لايتعدى الموقف ذاته، فإنه يجب الابتعاد عن تعنيفهم والعفوعنهم ، مع التحدث إليهم عن العمل بهذه القيمة في اللحظة نفسها، والحاجة إلى أن نعزز قيمة العفو لدى الابناء، هي ضرورة لهم لينعموا بالسلام الداخلي أولاً، وليستطيعوا التفرغ لعملية التعلم داخل مدارسنا، واعطاء المعلم الفرصة لفعل ذلك، بعيداً عن الدخول في فض المنازاعات بين الأبناء، التي تأخذ وقتاً لايستهان به من زمن الحصة الدراسية.