هي دكتورة وهو عامل نظافة !
عبدالرحمن حسن جان
اطلعت على مشكلة أخت فاضلة طرحتها في وسيلة تواصل اجتماعي مشكلتها كما ذكرت أنه يتقدم لها الكثير من الرجال للزواج ولكن مستواهم التعليمي محدود بمعنى لم يكملوا دراستهم أما هي فمستواها التعليمي عالي وهي ترفض الزواج لأنها ترى أن الزواج من رجل لا يفهمها في التفكير أمر صعب وفي المقابل فإن جميع عائلتها يرون أن هذا الأمر عادي ويمكن أن يتم تجاوزه بالتفاهم وأن الكثيرات قد تزوجن من رجل غير متعلم أو مستواه التعليمي محدود ، أما صاحبة الاستشارة تتمنى من الله أن يرزقها بشخص متعلم ويستطيع أن يحاورها ويناقشها ويفهم اتجاهاتها في حياتها ، وهي طلبت المشورة إن كانت هي مخطئة أم على صواب أم أن أهلها على حق ، وتريد معرفة وجهة نظر المختصين لتقتنع خاصة أنها ليست صغيرة بالعمر وقد بلغ عمرها ٣٠ سنة .
وجهة نظري المهنية في المشكلة هو أن الميزان الذي يُحكم به على الزوج هو الدين والخلق وليس التعليم كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) ، لأن الشخص المتدين والخلوق بالطبع سيكون قد تعلم القرآن والسنة ولا شك أنهما جامعة تعلمه كل شيء في الحياة ، وأن الشهادات ليست دليل على أن الشخص يكون فاهماً ومثقفاً فليس كل متعلم فاهم .
لا شك أن التجانس في المستوى الديني والاجتماعي والاقتصادي والتعليمي أمر هام ويؤدي إلى الانسجام بين الزوجين ولكن الأهم من ذلك هو الزوج الصالح والأبناء الصالحين والأسرة الصالحة أهم من الشهادة التي يمكن الحصول عليها مستقبلاً ، وأن ما لم تستطع أن تحققه لها في أن يكون زوجها ذا مستوى تعليمي عالي ، بالإمكان أن تحققه في أبنائها ، وأما التحاور والتفاهم بين الزوجين سوف يأتي بعد ذلك مع العشرة .
تشير إحدى الدراسات إلى وجود ١٥ مليون عانس عربية بين أرملة ومطلقة وعانس والعوانس هن من أكثر النساء ثقافة وصاحبات الشهادات العليا ، مما قد يدلنا أنه أحياناً يلعب الغرور دوراً كبيراً في نشوء هذه الظاهرة حيث أن غرور احداهن بمستواها العلمي والمادي أدى بها إلى رفض من تقدم إليها لاعتباره دون المستوى المطلوب وهي الآن وحيدة لا يطرق بابها سوى أرمل أو مطلق .
امرأة تحمل شهادة دكتوراه وتعمل دكتورة جامعية في واحدة من أرقى الجامعات الألمانية ، بعد انتهائها من دوامها يوميا تنزل من مسافة بعيدة عن مكان عملها وذلك لإصطحاب زوجها عامل النظافة وهو مرتدياً هندام عمله وهي تجوب معه الشوارع بكل حُب و فخر وإعتزاز لتخفف عنه مشقة العمل ليس بالبعيد عنها أن تحصل على رجل بنفس مستواها الدراسي والمهني بحجة أنها دكتورة لكن هنا يظهر تأثير وفاعلية الحُب في التغلب على الطبقية ، عندما تكون المجتمعات بهذه الدرجة من الوعي والرُقي كيف لاتكون في المقدمة والقمة بعيداً عن الطبقية والعرقية وتأثير المجتمع الذي لايرحم .
قرأت ذات مرة أن طبيبة حاصلة على شهادة الدكتوراه وقد انشغلت بدراستها وعملها عن الزواج من أجل الحصول على أعلى الدرجات العلمية وتقدمت بالعمر وبعد أن فاتها قطار العمر قالت خذوا مني جميع شهاداتي وأعطوني طفلاً يناديني ماما .
وختاماً أقترح على صاحبة المشكلة أولاً أن تستخير الله سبحانه وتعالى ثم توافق على الشخص الأقرب لمستواها العلمي ، لأن الحاصلين على الشهادات العليا يندر وجودهم ، ولأنها قد بلغت سن الثلاثين ، وقد يفوتها القطار .
والخيرة فيما اختاره الله .
*أخصائي أول اجتماعي
التعليقات 3
محمد علي
15/10/2019 في 9:54 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل ..
الدين والاخلاق هما المعيار
عبدالكريم
15/10/2019 في 12:02 م[3] رابط التعليق
استاذي مقال رائع في سبيل القضاء على الطبقيه وإحياء مشاعر الحب والاحترام والتقدير
احسنت وابدعت
بالفعل الشهادات والحياه برفاهيه لا تسوى شي ان كنت وحدك بدون ابناء او زواج
جعفر عابد الثقفي
15/10/2019 في 6:06 م[3] رابط التعليق
اولا اشكرك جدا علي هذا المقال الرائع والذي وفيت فيه وكفيت ثانيا وكنصحيه لكل من يفكر بنفس المنطق ان الحياة قصيرة ولا نعلم متي يحين الرحيل ولا نعلم في اي محطة سوف ننزل وحين يفوت قطار العمر وزهرة شبابه وحيويته لا يعود ونرجع ونتحسر علي مافات من عمرنا وساعته التي اصبحت تمضي سريعا دون ان نشعر بها وانشغالنا الدائم الذي سينتهي يوما