إرهاب وأنانية في نبع السلام
حماد الثقفي
إن العقلية البشرية المنقادة التي تُسلِمَ عقولها وتفكيرها للتنظيم الدولي للإخوان بشعارات وتصريحات قبل الأفعال، هي قطعاً ستندم في المستقبل، لأن ما يُبنى على باطل فهو باطل، عملهُ في كل شاردة وواردة وأينما أتت فهي بلا استراتيجية واضحة أو دلائل دامغة، وكأنها كالذي يقوده الراعي إلى الماء والعشب.
فداعش والحرس الإيراني وأتباعهم من مُسميات القتل والدم، تُعدُ العُدة في الشمال والجنوب لاحتلال أرض الحرمين، لأن أميركا تخلت عن دول الخليج العربي، بسبب تحالفها وحمايتها لليمن الشقيق، وكأن دول الخليج غابة أو لقمة سائغة لكل جائع، ليأتي الرد الأمريكي أن سبع دول ممنوعة من دخول أميركا لا توجد ولا دولة خليجية منها، دليلاً على متانة علاقاتنا، لتري الغازية التركية أنها على ضلال بأفعالها وقبلها أقوالها الزائفة، فما وعدت المملكة إلا وفعلها يسبقُ أقوالها، فقد حمت اليمن من تنظيمات تأويها تركيا، وأنهكت أحشاء شعب أنهكه رئيسه، فساروا في سجون ومعتقلات باغتيال لهم أو تشريد هرباً من بطش حزب العدالة والتنمية الزائل، فما طال زمن إلا عاد وانتقم!!
من الغازي؟! ومن القاتل؟!
ليست المملكة ولا مصر، بل من بعث ببرقيات عزاء لجنوده، وهو يعلم أنه مُحتل وغاصب، فكان من الأولى أن يُعزي شهداء وطنه الداخلي، بل نراه هنا يُعزي إرهابه وأنانيتة "نبع السلام"، بشمالي سوريا، وكأنه ملاك يداه نظيفتان من دم الأكراد والسوريين وقبلهم العراقيين وشعوب العالم العربي بحجة تطهيرها من إرهابيي "بي كا كا" و"داعش"، وإنشاء منطقة آمنة لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فمن الذي هرّب الدواعش من مخيمات تركيا وسوريا وإطلاقهم أثناء غزوه؟!. ومن الذي ضرب بالقوانين الدولية الضعيفة عرض الحائط، وكأننا في مسرح (بهلول في إسطنبول) وعهد الفتونة القديمة... مهدداً الرجل الأوربي المريض بإرسال 3.6 مليون مهاجر لها!! كيف وقد شردت نبع الذل والعار التركي أكثر من 191 ألف نازح وهددت أكثر من مليونين آخرين.. فعلى من يكذب ذلك الأحمق؟؟ الاعيب إخوانية مكشوفة ستراتها الإرهاب الإيراني وأشباهه الدموية التي فشلت بالربيع العربي، فمن "القاتل"؟
وهل ستُعيد تركيا إعمار المدن السورية التي دخلتها، لتُعيد توطين السوريين فيها، بدلاً من مخيماتها التي خالطها الإرهاب، وهل أعادت إيران المدن العراقية التي حرقتها، والسُنة التي قتلتهم، وشردت الملايين من عراقييها في منطقة تلو الأخرى، كما فعلت في جُرف الصخر وجلبت الأعاجم من باكستان وافغانستان لتذيب عروبة العراق في بوتقة العجمة بظنها.
وأخيراً: دولة استضافت الشريد واقتسم الخبز مع أنظمة دموية،فآوت جنسيات لا هوية لها ولا دين، فمن نشأ في الشارع بقى أبد الدهر حاقدًا على أبناء البيوت العامرة العربية منها والخليجية، مُتمنيا لهم السوء، وهكذا الشعوب التي تنشأ خارج حدود حضارة ومُجتمع الأمة فتتخذه خصمًا، وكأنما تتبع إسطنبول مسار طهران في هدم المدن وتمزيق المجتمعات كمؤشر على طبيعة منشئها ونوازعها وعلى أن الصراع في منطقتنا هو صراع نظم أخلاقية.